الثلاثاء, نوفمبر 4, 2025
الرئيسيةالمغرب - أمريكاأبرامز: الجزائر تواصل رفض التوجه نحو حل الحكم الذاتي.. وشجعنا الرباط على...

أبرامز: الجزائر تواصل رفض التوجه نحو حل الحكم الذاتي.. وشجعنا الرباط على تقديم خطتها استنادا إلى خطة بيكر الأولى

في مقال تحليلي نشره يوم 2 نوفمبر 2025 على موقع مجلس العلاقات الخارجية الأميركي (CFR)، اعتبر الدبلوماسي الأميركي البارز إليوت أبرامز أن القرار 2797 الذي تبناه مجلس الأمن بشأن الصحراء يمثل “انتصارا دبلوماسيا حاسما للمغرب”، ويجسد في الوقت ذاته اعترافا متزايدا من المجتمع الدولي بواقعية المقاربة المغربية القائمة على الحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية.

أبرامز، الذي شغل سابقا منصب المدير الأعلى لشؤون الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي خلال إدارة الرئيس جورج بوش الابن، كتب أن القرار الأممي الجديد يؤكد أن الخطة المغربية لم تعد مجرد خيار ضمن خيارات متعددة، بل أصبحت الإطار المرجعي الوحيد الذي يمكن أن يبنى عليه الحل السياسي للنزاع.

وأوضح أن اعتماد القرار بـ 11 صوتا مؤيدا ودون أي اعتراض، مع امتناع الصين وروسيا وباكستان، وغياب الجزائر عن التصويت رغم عضويتها غير الدائمة، يعكس تغيرا جوهريا في موازين الموقف داخل مجلس الأمن لصالح الطرح المغربي.

فقد دعا القرار الأطراف المعنية إلى الانخراط في مفاوضات “دون شروط مسبقة” على أساس المقترح المغربي للحكم الذاتي، معتبرا أن “الحكم الذاتي الحقيقي يمكن أن يشكل النتيجة الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق”.

وأضاف أبرامز أن هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة عقود من العمل الدبلوماسي المنهجي من جانب الرباط، التي استطاعت عبر مبادرتها لعام 2007 أن تحول الموقف الدولي تدريجيا من فكرة الاستفتاء إلى خيار الحكم الذاتي.

ويذكر الكاتب بأن المغرب صاغ تلك المبادرة استجابة لتشجيع أميركي مباشر خلال إدارة بوش، وأن واشنطن منذ ذلك الحين، مرورا بإدارتي أوباما وترامب ووصولا إلى بايدن، ظلت تعتبر الخطة المغربية الأساس الواقعي الوحيد للحل.

ويستعيد إليوت أبرامز في مقاله تجربته المباشرة مع الملف حين كان مسؤولا عن شؤون الشرق الأدنى وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي خلال إدارة جورج بوش الابن سنة 2002، مشيرا إلى أن الأمم المتحدة كانت آنذاك تدفع نحو إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء، وهو الطرح الذي تولى صياغته مبعوثها الشخصي جيمس بيكر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق.

ويشرح أبرامز أن “خطة بيكر الأولى” (2001) كانت تقوم على منح الصحراء حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية، وهي صيغة متوازنة اعتبرتها واشنطن حينها واقعية وقابلة للتطبيق.

لكن جبهة البوليساريو رفضت الخطة رفضا قاطعا لأنها لا تتضمن خيار الاستقلال، ما دفع بيكر إلى إعداد “خطة ثانية” سنة 2003، تضمنت منح الإقليم حكما ذاتيا لمدة خمس سنوات، يعقبها تنظيم استفتاء لتقرير المصير يشمل خيار الاستقلال والانضمام إلى المغرب أو استمرار الحكم الذاتي.

ويضيف أبرامز أن هذه الصيغة الثانية كانت مرفوضة من جانب المغرب لأنها “تضع وحدته الترابية على المحك”، بينما قبلتها البوليساريو، وهو ما أدى إلى انسداد سياسي جديد في المسار الأممي.

ويؤكد أبرامز أن إدارة بوش حينها دعمت الموقف المغربي واعتبرت أن “الملك والحكومة والشعب المغربي لا يمكنهم القبول باحتمال خسارة الصحراء في استفتاء”، وأن الحل الواقعي هو العودة إلى جوهر خطة بيكر الأولى القائمة على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

ومن هنا – يقول أبرامز – بدأ التحول الفعلي في السياسة الأميركية: إذ حثت واشنطن الرباط على تقديم تصور أكثر تفصيلا للحكم الذاتي، وهو ما تحقق لاحقا من خلال المبادرة المغربية لعام 2007 التي أصبحت منذ ذلك التاريخ الأساس المرجعي لكل القرارات الأممية اللاحقة.

وأشار أبرامز إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا تدعم اليوم صراحة هذا التوجه، وهو ما عبر عنه المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة بقوله:

الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الذي يجب أن يُحل ضمنه هذا النزاع

كما استشهد أبرامز بعنوان صحيفة لوموند الفرنسية الذي لخص الموقف الجديد بعبارة:

الصحراء الغربية: المغرب يحقق انتصارا دبلوماسيا في الأمم المتحدة.”

بالنسبة لأبرامز، لم يعد النقاش في مجلس الأمن يدور حول “من يملك الشرعية في الصحراء”، بل حول كيفية تنفيذ الحكم الذاتي وضمان نجاحه، في ظل تراجع كامل لفكرة الانفصال التي حملتها جبهة البوليساريو منذ السبعينيات.

الجزائر تواصل التصعيد وتواجه عزلة متنامية

ورغم ما وصفه أبرامز بـ“التحول التاريخي لصالح المغرب”، إلا أنه يرى أن النزاع لم يطو بعد، بسبب إصرار الجزائر على رفض الحل الواقعي القائم على الحكم الذاتي واستمرارها في تمويل ودعم جبهة البوليساريو سياسيا وماليا وعسكريا.

ويقول الكاتب إن الموقف الجزائري لم يعد مرتبطا بالملف الصحراوي فحسب، بل أصبح جزءا من سياسة عداء ممنهجة تجاه المغرب، تهدف إلى تقويض موقعه الإقليمي وتوازنه الاستراتيجي في شمال إفريقيا والساحل.

ويذكر بأن الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط سنة 2021، ثم واصلت التصعيد عبر تصريحات رسمية عدوانية، أبرزها قول الرئيس الجزائري عام 2023:

لقد وصلنا فعليًا إلى نقطة اللاعودة

كما يربط أبرامز بين هذا التوتر وبين انضمام المغرب إلى اتفاقات أبراهام عام 2020 وتطبيع علاقاته مع إسرائيل، وهو ما تعتبره الجزائر خطوة تهدد خطابها الإيديولوجي التقليدي وتفقدها إحدى أوراقها في المنطقة.

ويرى الكاتب أن الجزائر تجد نفسها اليوم معزولة دبلوماسيا أمام الإجماع المتزايد حول مقترح الحكم الذاتي، في وقت تراجع فيه نفوذ جبهة البوليساريو ميدانيا وسياسيا، وتنامت القناعة داخل الأمم المتحدة بضرورة البحث عن حل واقعي يراعي سيادة المغرب واستقراره الداخلي.

ويختم أبرامز تحليله بالتأكيد على أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الذي يوازن بين الواقعية السياسية ومبدأ تقرير المصير في إطار السيادة الوطنية، مضيفا:

“لقد كان هذا هو الجواب الصحيح عندما اقترح قبل ربع قرن، وما يزال كذلك اليوم.”

ويخلص إلى أن القرار الأممي الأخير يعكس نضج الدبلوماسية المغربية واستمرارية الدعم الأميركي والأوروبي لموقفها، في مقابل تآكل الخطاب الانفصالي، وتراجع أوراق الجزائر داخل المحافل الدولية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات