1. ما قاله نائل البرغوثي بالضبط
في الفيديو المتداول يظهر نائل البرغوثي (عميد الأسرى الفلسطينيين المحررين بعد أكثر من 40 سنة في السجون الإسرائيلية) وهو يقول بوضوح:
“إسرائيل تنظر إلى المغرب والإمارات كمراكز دعارة للجنود الإسرائيليين”
هذا التصريح ليس نقلا عن مصدر صحفي بعينه، بل جاء في سياق خطاب سياسي أراد من خلاله البرغوثي إدانة اتفاقيات التطبيع، واستخدام لغة صادمة لإبراز ما يراه انحطاطا أخلاقيا في العلاقة بين إسرائيل وبعض الدول العربية.
البرغوثي لم يقدم دليلا توثيقيا أو إشارة إلى تحقيق محدد أو رقما من جهة تتمتع بمصداقية، لكنه أشار بشكل فضفاض إلى أن “الصحافة العبرية” تناولت هذه القضايا، وخص بالذكر جريدة يعودوت أحرنوت. هنا بالضبط يبرز الخلط إذ وهو يستشهد بمقال صحفي ويعتبره مرجعا، أضاف لفظ “الجنود” لإعطاء خطابه قوة رمزية أكبر.
الأسير الفلسطيني الحرّ نائل البرغوثي :
الكيان الصهيوني 🇮🇱 يرسل جنوده لممارسة الدعارة في الإمارات 🇦🇪والمغرب 🇲🇦، ويصف الدعارة في المغرب🇲🇦 بأنها الأرخص سعرا … pic.twitter.com/oMVeLW8fhf— محمد براهيمي (@mhammed186) August 20, 2025
2. ما الذي ورد فعلا في الصحافة العبرية؟
المادة التي تتم الإحالة إليها من قِبل ناشطين هي مادة صحفية نشرها موقع Ynetnews بتاريخ 30 سبتمبر 2023، للصحفي آدم كُتُب، بعنوان:
“What happens in Morocco: Israelis flock to flourishing sex tourism”.
ما ورد في التحقيق:
• يتحدث التقرير عن سياح إسرائيليين يقصدون المغرب، وبخاصة مراكش، لاستكشاف “صناعة الجنس”.
• يذكر أرقاما (50 ألفا وفق وزارة الصحة المغربية عام 2015، و75 ألفا وفق تقديرات الأمم المتحدة) حول عدد النساء العاملات في الدعارة.
• يصف مشاهد ميدانية مبالغ فيها: سائق تاكسي يعرض صور نساء في ملف أزرق، مجموعات “واتساب” تعرض صور قاصرات بين 11 و16 سنة، مشاهد في ساحات وحدائق عامة مثل جامع الفنا .
• يذكر أن بعض عرب إسرائيل (فلسطينيي 48) أيضا يسافرون إلى المغرب لهذا الغرض، وأن بعض وكلاء السفر العرب–الإسرائيليين ينظمون رحلات تشمل تسهيلات “خاصة”.

ما لم يرد:
• لم يذكر التحقيق كلمة “جنود” على الإطلاق.
• لم يربط الظاهرة بالجيش أو بالعطل العسكرية.
• المصطلح المستخدم دائما هو “إسرائيليين”، بما يشمل مدنيين وسياحا وعربا–إسرائيليين، لكنه لم يخصص فئة عسكرية.
النتيجة: حديث البرغوثي عن “الجنود” هو إضافة سياسية منه، لا ترجمة أمينة لما جاء في الصحافة العبرية، ولم يكتف بذلك بل استرسل في اختلاق سردية حول الموضوع لإعطاء مزاعمه مصداقية.
3. لماذا أضاف البرغوثي “الجنود”؟
• البعد الرمزي: استهداف “الجنود” يضفي ثقلا سياسيا وأخلاقيا على النقد، لأن الجندي في الوعي العربي والفلسطيني ليس مجرد سائح بل رمز للاحتلال والقمع.
• التأطير الخطابي: تحويل “سياحة الجنس” من أفعال أفراد مدنيين إلى نشاط “جنود احتلال” يجعل التطبيع يبدو أكثر ابتذالا وخطورة.
• غياب الدقة التوثيقية: البرغوثي لم يقدم نصا عبريا استند إليه، بل استعمل عموما “ما كتبته الصحافة العبرية ويديعوت أحرنوت”، وهو إحالة فضفاضة تستوعب إضافته الخاصة.
4. مقال آدم كُتُب Adam Kutub: بين التحقيق الصحفي والمبالغة الإثارية
“التحقيق” الذي نشره Ynet مليء بالتفاصيل، لكنه يثير عدة ملاحظات:
• الاعتماد على أسماء مستعارة (يائير، ساجي، إيميل، ياسمين…) مما يصعب التحقق من صدقية الشهادات.
• الاستعانة بأوصاف درامية (ملف أزرق فيه صور نساء، أطفال قصر في مجموعات واتساب، نساء في المقاهي يغازلن السياح مباشرة). هذه المشاهد تحمل طابعا إثاريا أكثر من توثيق ميداني مضبوط.
• غياب الروابط لمصادر الأرقام: التقرير يذكر تقديرات وزارة الصحة والأمم المتحدة، لكنه لا يقدّم روابط أو تقارير .
• سردية صحافة التابلويد: النص مكتوب بلغة أقرب إلى الإثارة الصحفية، يهدف لإحداث صدمة أكثر من تقديم قراءة موضوعية.
الخلفية المهنية للكاتب
• آدم كُتُب صحفي في Ynet/Yedioth Ahronoth.
• اسمه عربي، ويغطي أحيانا قضايا المجتمع العربي في الداخل.
• لا يوجد تعريف رسمي لهويته القومية أو الدينية، لكن الترجيح القوي أنه من فلسطينيي 48 (عرب إسرائيل).
• رغم ذلك، لا يوجد توثيق صريح، وبالتالي يذكر كـ “ترجيح” وليس حقيقة ثابتة.
5. التقييم النهائي لأطلس إنسايت
العنصر الواقع
تصريح البرغوثي قال فعلا “الجنود الإسرائيليين”، لكن هذا توصيف سياسي من عنده، لا نقلا دقيقا عن الصحافة العبرية.
محتوى Ynet تحدث عن “إسرائيليين” كسياح، لم يذكر “جنودا”. النص مليء بالمبالغات والإثارة.
المصدرية البرغوثي استند إلى ما نشر عبريا، لكنه غير السياق بإضافة “الجنود”.
آدم كُتُب صحفي عربي–إسرائيلي على الأرجح، يكتب تحقيقات مثيرة للجدل بأسلوب أقرب للتابلويد.
على من تحاول التلاعب
قليل من الاحترام لعقول المغاربة
التحقيقات الصحفية الوطنية والدولية لا تعد ولا تحصى في هذا الموضوع الذي يؤدينا كمغاربة ولكن لا حول ولا قوه لنا لتغيير هذا الوضع المزري.
مروجو هذه المصائب، وهم بالمناسبة من علية القوم وذوو نفود، يبررونها بتنمية السياحة ودخول العملة الصعبة.
هذه الفئة من النافدين يدعمون بعض السياسيين الفاسدين للتشريع من أجل عدم تجريم الدعارة والسياحة الجنسية. هم أصحاب العلاقات الرضائية لعلك ترضى. المغاربة ماشي مكلخين.
المعلق يظهر أنه جزائري.. المرجو الانتباه