الخميس, أغسطس 7, 2025
الرئيسيةتقاريرفي ظل تفاقم عزلتها الإقليمية…روما تفتح ممرا دبلوماسيا للجزائر

في ظل تفاقم عزلتها الإقليمية…روما تفتح ممرا دبلوماسيا للجزائر

وقعت الجزائر وإيطاليا، اليوم الأربعاء، على سلسلة من الاتفاقيات الاستراتيجية التي تشمل مجالات الطاقة والاتصالات والأمن، في خطوة تمنح الجزائر فرصة لتخفيف عزلتها الدبلوماسية بعد تصدع علاقاتها مع باريس ودول الساحل.
الإعلان جاء خلال زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى روما، حيث التقى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في فيلا دوريا بامفيلي، في لقاء وصفته الأخيرة بأنه “يمثل ذروة غير مسبوقة” في مسار العلاقات الثنائية.

ووقع البلدان 13 اتفاقية تعاون، أبرزها تلك المرتبطة بمكافحة الإرهاب وتمويله، دون الكشف عن طبيعة التهديدات محل التنسيق. كما تم الاتفاق على آلية مشتركة للبحث والإنقاذ في البحر المتوسط، ضمن جهود الحد من تدفقات الهجرة غير النظامية، وهو ملف محوري في أجندة حكومة ميلوني اليمينية منذ وصولها إلى السلطة عام 2022.

الطاقة: حجر الأساس في تقارب روما والجزائر

الطاقة كانت في صدارة المحادثات، حيث أعلنت شركة إيني الإيطالية في 7 يوليوز الجاري عن توقيع عقد جديد بقيمة 1.3 مليار دولار مع شركة سوناطراك الجزائرية لتوسيع أنشطة التنقيب والإنتاج، ووقعت الشركتان اتفاقا إضافيا على هامش الاجتماع لتعزيز التعاون بينهما. وقالت ميلوني للصحفيين “نحن راضون للغاية عن التعاون بين إيني ونظيرتها سوناطراك، والذي سيصبح أقوى”.

وتلعب الجزائر دورا متزايدا كمصدر بديل للغاز الطبيعي لإيطاليا وأوروبا، بعد تراجع واردات القارة من روسيا. كما كشف الجانبان عن مشروع “ممر هيدروجين جنوبي” لربط البلدين بنظام نقل للطاقة النظيفة.

تعاون رقمي واتصالات بحرية

في قطاع الاتصالات، أعلنت شركة “سباركل”، التابعة لمجموعة “تيليكوم إيطاليا”، عن اتفاق مبدئي مع “اتصالات الجزائر” لمد كابل بحري جديد بين البلدين، ضمن مشروع استراتيجي تقوده وزارة الاقتصاد الإيطالية.

وجاء ذلك خلال منتدى أعمال جمع أكثر من 400 شركة من البلدين، أكد خلاله وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني أن الجزائر “شريك استراتيجي” لبلاده، وأن روما تسعى لبناء شراكة أكثر تنوعا وقوة من أي وقت مضى.

رهان جزائري على إيطاليا لتعويض خسائر أوروبية

الانفتاح الجزائري على إيطاليا يأتي في سياق أزمة ممتدة مع فرنسا، وخلافات مع الاتحاد الأوروبي، حيث تواجه الجزائر اتهامات بخرق اتفاق الشراكة التجارية، ما دفع المفوضية الأوروبية إلى إطلاق آلية تحكيم رسمية قبل أسبوعين، على خلفية القيود التي تفرضها الجزائر على واردات الشركات الأوروبية.

وبينما تعيد الجزائر ترتيب أوراقها في علاقاتها الإقليمية والدولية، تسعى روما إلى تعزيز حضورها في شمال أفريقيا، عبر شراكات متعددة الرهانات، تتجاوز ملف الطاقة لتشمل الأمن والهجرة، ما يجعل من تحالف البلدين نموذجا جديدا في توازنات المتوسط.

الغاز الجزائري: ورقة رابحة في ميزان العلاقات

وتستند الشراكة الجزائرية الإيطالية بشكل كبير إلى ورقة الغاز، إذ تعتبر الجزائر حاليا أحد أهم موردي الطاقة لإيطاليا. فقد بلغت واردات روما من الغاز الجزائري نحو 16.6 مليار متر مكعب في عام 2023، وهو ما يعادل 41٪ من إجمالي واردات البلاد من الغاز، بحسب بيانات أوروبية. وفي عام 2024، سجلت صادرات الجزائر عبر خط أنابيب “ترانسميد” قرابة 21 مليار متر مكعب، فيما وصلت قيمة هذه الإمدادات إلى حوالي 9.4 مليار يورو، رغم تراجع الأسعار. وتعزز هذه الأرقام موقع الجزائر كمصدر حيوي في معادلة أمن الطاقة الإيطالي، في وقت تسعى فيه روما إلى تقليص اعتمادها على الغاز الروسي عبر شراكات طويلة الأمد مع شركاء جنوبي المتوسط.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات