الخميس, أغسطس 7, 2025
الرئيسيةرأي أطلس إنسايتالصحراء.. هل بلغ المغرب سقف الممكن؟

الصحراء.. هل بلغ المغرب سقف الممكن؟


الرباط – أطلس إنسايت

بعد موجة الدعم الغربي المتصاعد لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحل نهائي لنزاع الصحراء، يطرح المراقبون سؤالا ملحا: ماذا تبقى للمغرب ليكسبه دبلوماسيا ؟ وأين تقف القوى الكبرى الأخرى، وبخاصة روسيا والصين، من هذا الزخم غير المسبوق ؟

🔹 الغرب يحسم موقفه.. لكن العقبة تأتي من الشرق

خلال السنوات الأخيرة، حسمت العواصم الغربية الكبرى موقفها من النزاع بشكل واضح. كانت البداية من واشنطن واعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، تلتها برلين فمدريد ثم باريس وأخيرا لندن، هذا دون الحديث عن باقي العواصم الأوروبية الأخرى التي عدلت موقفها لصالح الخطة المغربية للحكم الذاتي، وأجمعت في مجملها على وصف المبادرة بأنها “جادة وذات مصداقية وواقعية”، وهي ثلاثية لغوية باتت بمثابة “كلمة السر” الدبلوماسية للاعتراف الضمني بمقترح الرباط.

غير أن استكمال هذا المنعطف الاستراتيجي يمر اليوم من بوابتين متبقيتين: موسكو وبكين. وهما قوتان لا تكتفيان بالحياد، بل تتحركان على إيقاع مصالح معقدة، تتثنى بين الوفاء لصديق قديم أو كسب شريك صاعد .

🔹 روسيا: دعم أم تحفظ مقنّع؟

اللقاء الأخير بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والسفير المغربي لطفي بوشعارة في موسكو كان بمثابة اختبار جديد للعلاقة المغربية الروسية بشأن ملف الصحراء. البيان الروسي الذي نشرته وزارة الخارجية حرص على استخدام مفردات كلاسيكية: “الالتزام بالدور المركزي للأمم المتحدة” و”احترام القانون الدولي”، وهي عبارات حمّالة أوجه، غالبا ما تستخدم للإبقاء على مسافة متوازنة دون تأييد أو ميل صريح لأي موقف.

لكن غياب أي إشارة لمقترح الحكم الذاتي، أو حتى تعبير عن تفهم للرؤية المغربية، يثير القلق. فروسيا، التي أبدت انفتاحا ظرفيا في مناسبات سابقة، تبدو اليوم أكثر تحفظا، وربما أقرب إلى موقف “مهادن للجزائر” حفاظا على شراكة استراتيجية وتاريخية في مجالات الطاقة والتسلح رغم ما أصاب علاقة الطرفين من أعطاب في الآونة الأخيرة .

🔹 الصين: صمت مدروس ومصالح باردة

في المقابل، لايزال الغموض يلف الموقف الصيني الذي لم يشهد أي تحول أو حتى إشارة جديدة في الآونة الأخيرة. ورغم العلاقات السياسية والاقتصادية الجيدة مع الرباط، يبدو أن الصين ليست على استعداد في الوقت الراهن لتعديل موقفها المتحفظ، لا سيما في ظل غياب مكاسب مباشرة من الانحياز لأحد الطرفين.

بكين تدير ملف الصحراء من زاوية المصلحة البحتة: الجزائر تمثل بوابة طاقية وسوقا واعدة للتجهيزات والبنية التحتية، بينما لا ترى الصين في المغرب ـ رغم موقعه الحيوي والمشاريع الواعدة المعلن عنها بين الطرفين ـ مبررا كافيا للمغامرة بتغيير موازين دقيقة، خاصة في ملف شائك كالصحراء.

🔹 محطة أكتوبر.. التصويت الحاسم؟

تتجه الأنظار الآن نحو جلسة التصويت المرتقبة في مجلس الأمن خلال أكتوبر المقبل، حيث من المنتظر أن تُتوج شهورا من الحراك الدبلوماسي المغربي الكثيف، سواء في نيويورك أو العواصم المؤثرة. وتراهن الرباط على استصدار قرار أممي يعكس واقع المواقف الدولية الجديدة، ويؤسّس لمرحلة “ما بعد خطة بيكر” و”الستاتيكو الأممي”.

لكن هذا السيناريو الطموح يظل مرهونا بموقف كل من الصين وروسيا. فالفيتو الروسي أو الصيني أو أقله معاكسة Pen Holder الأمريكي قد يُفرغ أي قرار مرتقب من مضمونه، ويعيد الملف إلى دائرة المراوحة.

🔹 بين منطق الربح والتكلفة

تواجه الرباط معضلة كبرى تتمثل في أن ما تم ربحه غربا قد يُواجه بحاجز سميك شرقا ، مدفوع باعتبارات جيوسياسية لا علاقة لها بجوهر النزاع. فالصين وروسيا ترى في دعم الجزائر وسيلة لتحقيق توازن في علاقاتها مع الغرب، وليس من المؤكد أن موقفا مغربيا محسوبا سيتفوق على هذا الاعتبار.

ولذلك، فإن معركة أكتوبر لن تكون مجرد معركة تصويت في مجلس الأمن، بل اختبارا لمدى قدرة المغرب على إقناع القوى الصامتة أو المتحفظة بجدوى حل يتماشى مع الواقعية السياسية، ويحفظ استقرار المنطقة.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات