يستعد وفد يضم نحو خمسين برلمانيا من الجمعية البرلمانية لحلف الناتو لزيارة مدينة مليلية يومي 26 و27 سبتمبر، وهي أول مرة يدخل فيها اسم المدينة إلى أجندة الحلف منذ انضمام إسبانيا عام 1982.
الزيارة جاءت بمبادرة من السيناتور عن الحزب الشعبي فرناندو غوتييريز دياز دي أوتازو، وهو جنرال متقاعد يشغل منصب نائب رئيس الجمعية البرلمانية للناتو ورئيس “مجموعة المتوسط والشرق الأوسط” داخلها.
ويتضمن البرنامج الرسمي للوفد لقاءات مع قيادات أمنية وعسكرية بارزة، منها رئيس عمليات الشرطة الوطنية، وقائد الحرس المدني، والقائد العام للمدينة الجنرال لويس كورتيس، الذي سيقدم عرضا عن دور الجيش الإسباني في الثغر.
كما سيحضر البرلمانيون عرضا للأسلحة ومناورة عسكرية ميدانية في ميدان رماية “روستروغوردو”، إضافة إلى جولة داخل مركز الإقامة المؤقتة للمهاجرين (CETI).
وتحظى الخطوة بدعم مؤسسات مدريد، إذ ساهمت أربع وزارات (الخارجية، الدفاع، الداخلية، والإدماج) في الإعداد لها، لكنها تثير أيضا بحسب مصادر حكومية نقلتها وسائل إعلام محلية، حرج الحكومة التي تتجنب أي مبادرات قد تفسر في الرباط كاستفزاز. وتجلى هذا الحذر مؤخرا في التخلي عن الاحتفال بالذكرى المئوية ل “إنزال الحسيمة”، الذي أنهى حرب الريف (1921-1927)، وكذلك في امتناع السلطات الإسبانية حتى اليوم عن برمجة زيارة ملكية إلى سبتة ومليلية.
المادة الخامسة وحدود المظلة الأطلسية على سبتة ومليلية
وبالرغم من أن زيارة الوفد تحمل رمزية سياسية قوية، إلا أن الواقع القانوني يظل واضحا: سبتة ومليلية خارج نطاق الدفاع الجماعي للناتو.
فالمادة الخامسة من معاهدة واشنطن، التي تعتبر العمود الفقري للحلف، تنص على أن أي هجوم مسلح ضد أحد الأعضاء في أوروبا أو أمريكا الشمالية يعتبر اعتداء على الجميع، بما يفرض ردا جماعيا. لكن صياغة المادة لا تشمل الأراضي الخاضعة للسيادة الإسبانية شمال المغرب بما فيها الجزر الجعفرية ، وهو ما يعني أن المدينتين غير مشمولتين تلقائيا بمظلة الحماية.
بالمقابل، تمنح المادة الرابعة لإسبانيا خيار طلب مشاورات عاجلة مع الحلفاء إذا رأت أن أمنها أو سلامتها مهددان، لكن هذه الآلية تظل سياسية الطابع ولا تترتب عنها التزامات عسكرية تلقائية. وهو ما يضع المدينتين في منطقة رمادية: جزء من دولة عضو في الناتو، لكن دون ضمان واضح بالحماية الأطلسية.
وخلال قمة الناتو في مدريد عام 2022، تم طرح نقاشات داخلية حول إمكانية اعتماد قراءة جديدة للمادة الخامسة، تقوم على تأويل سياسي أقل تقيدا بالحدود الجغرافية وأكثر تركيزا على التهديدات الأمنية المباشرة. غير أن هذه النقاشات لم تترجم حتى الآن إلى قرارات رسمية، ما يجعل وضع سبتة ومليلية هشا من الناحية الاستراتيجية، ويمنح الزيارة البرلمانية المقبلة قيمة رمزية أكثر من كونها ضمانة دفاعية فعلية.