أجرى السفير الجزائري في واشنطن، صبري بوقادوم، لقاء مع النائب الديمقراطي جيمي بانيتا داخل مبنى الكونغرس الأميركي، في توقيت يشهد تصاعدا ملحوظا في التنسيق المغربي–الأميركي، خاصة على مستوى التشريعات المرتبطة بالصحراء.
وينتمي بانيتا إلى لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، وقد تقدم إلى جانب النائب الجمهوري جو ويلسون بمشروع قانون يحمل اسميهما، يدعو الإدارة الأميركية إلى تقييم تصنيف جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي أجنبي (FTO)، ما يضفي على اللقاء طابعا سياسيا يتجاوز المجاملة الدبلوماسية.
ورغم عدم ذكر الحسابات الرسمية للسفارة الجزائرية لهذا اللقاء، نشر بانيتا تغريدة مقتضبة على منصة X أشار فيها إلى أن الاجتماع تناول “الأمن الإقليمي والمنظمات الإرهابية العابرة للحدود في إفريقيا”، مؤكدا على أهمية الحوار مع الجزائر في القضايا الاستراتيجية. لكن فحوى اللقاء، وسياق الشخصية التي استقبلها، يشيان بأن المحور الرئيسي كان يتعلق بمشروع التصنيف نفسه، وانعكاساته المحتملة على الجزائر وحلفائها.
مشروع قانون غير مسبوق… والجزائر في حالة استنفار
المشروع الذي قدمه بانيتا رفقة النائب الجمهوري جو ويلسون في وقت سابق من عام 2025، يطالب الإدارة الأميركية بإجراء تقييم رسمي حول ما إذا كانت جبهة البوليساريو تستوفي الشروط القانونية للإدراج ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO)، بموجب قانون الهجرة والجنسية الأميركي.
وينص المشروع، المعروف باسم Polisario Front Terrorist Designation Act، على أن يتضمن التقرير المرتقب من وزارة الخارجية تقييما لطبيعة هيكلة الجبهة، ومصادر تمويلها، وعلاقاتها المحتملة مع أطراف مصنفة إرهابية كـ”حزب الله” أو “حزب العمال الكردستاني”.
وبينما تستند الوثيقة التشريعية إلى اتهامات باستخدام أسلحة محظورة واستهداف مدنيين، تستشهد تقارير إعلامية وتحليلات داعمة للمشروع بحادثة تعود لعام 1988، حين سقطت طائرة أميركية فوق الصحراء في هجوم يعتقد أنه تم تنفيذه من طرف مقاتلين من البوليساريو، رغم أن هذا الحادث لم يذكر صراحة في النص الرسمي للمشروع.
الجزائر، من جانبها، تعتبر المشروع محاولة “مسيسة” لوسم حليفها الرئيسي بالإرهاب، وهو ما تحاول مواجهته عبر سلسلة مناورات دبلوماسية داخل واشنطن.
تحركات جزائرية بثلاث أوراق لاحتواء الاختراق المغربي
وفق تقارير بحثية ضمنها تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى (يوليو 2025)، تواصل الجزائر توسيع نطاق تحركاتها في الولايات المتحدة ضمن استراتيجية يكمن وصفها بالثلاثية وتهدف إلى إعادة التوازن داخل مراكز القرار:
1. تعزيز التعاون الأمني والدفاعي: من خلال توقيع مذكرة تفاهم عسكرية مع وزارة الدفاع الأميركية في يناير 2025، الأولى من نوعها، ما مهد لتأسيس لجنة عسكرية مشتركة تعنى بالتنسيق في ملفات الساحل ومكافحة الإرهاب.
2. إعادة تنشيط أدوات الضغط المؤسسي: عبر التعاقد مع شركة ضغط أميركية جديدة أواخر 2024، رغم ارتباطها بمصالح إسرائيلية، ما يعكس تحولا في التكتيك الجزائري القائم على الانفتاح البراغماتي داخل أروقة اللوبيات.
3. تحركات دبلوماسية مباشرة يقودها بوقادوم: تشمل لقاءات مع مشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في مسعى لتقويض مشروع التصنيف، وإعادة تسويق الجزائر كشريك أمني رئيسي في شمال إفريقيا، وليس كطرف داعم لكيان مهدد حسب التصور المغربي.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الإدارة الأميركية تمسكها بموقفها المؤيد للمقترح المغربي حول الحكم الذاتي في الصحراء، تراهن الجزائر على فتح قنوات حوار موازية تحفظ لها هامش المناورة وتمنع تحول الكونغرس إلى ساحة عدائية مفتوحة ضد البوليساريو.