الثلاثاء, نوفمبر 4, 2025
الرئيسيةالمغرب بعيون لوموندبلافريج يخط أول اعتراض سيادي: المغرب يتحفظ على اتفاق فرنسي أميركي قبل...

بلافريج يخط أول اعتراض سيادي: المغرب يتحفظ على اتفاق فرنسي أميركي قبل الاستقلال

أطلس إنسايتالرباط | الحلقة -1-

في 29 ماي 1956، وبعد أقل من ثلاثة أشهر على إعلان استقلاله، وجه المغرب رسالة دبلوماسية رسمية إلى السلطات الفرنسية، سجل فيها أول موقف سيادي تجاه اتفاقيات عسكرية كانت قد تم إبرامها فوق ترابه ودون موافقته.

الرسالة، التي كشفت عنها صحيفة لوموند الفرنسية في عددها الصادر بتاريخ 29 ماي، صيغت بلهجة دقيقة وواضحة من طرف وزير الشؤون الخارجية المغربي آنذاك، أحمد بلافريج، ووجهها إلى وزير خارجية فرنسا كريستيان بينو، بشأن الاتفاق الفرنسي الأميركي الموقع في 22 دجنبر 1950، والذي يخص ترتيبات القواعد العسكرية الأميركية في المغرب خلال فترة الحماية.

الموقف المغربي: تحفظ رسمي باسم السيادة

نص الرسالة المغربية، كما أوردته لوموند، جاء مقتضبا لكنه بالغ الدلالة. يقول الوزير بلافريج:

« يشرفني أن أبلغكم أن الحكومة المغربية تحتفظ بكامل حقها في ما يتعلق بالاتفاق الفرنسي الأميركي المؤرخ في 22 ديسمبر 1950 ».

الصيغة التي اعتمدها المسؤول المغربي لا تعني قبولا أو رفضا صريحا، لكنها تسجل بوضوح أن المملكة المغربية لا تعتبر نفسها ملزمة باتفاقيات لم تكن طرفا فيها، خاصة حين تتعلق بسيادتها الترابية.

نص الرسالة الرسمية من وزير الشؤون الخارجية المغربي، أحمد بلافريج، إلى نظيره الفرنسي كريستيان بينو
نص الرسالة الرسمية من وزير الشؤون الخارجية المغربي، أحمد بلافريج، إلى نظيره الفرنسي كريستيان بينو

الرد الفرنسي: تثبيت قانوني لمحاولة الاستثناء

نشرت الصحيفة الفرنسية أيضا ردا رسميا من ألان سافاري، مسؤول فرنسي بارز، موجها إلى بلافريج، يعبر فيه عن استلام الرسالة المغربية، ويعيد نصها كما هو، دون أي تعليق سياسي أو تفسير موسع. لكنه أرفق بذلك فقرة أساسية تحمل موقفا قانونيا صريحا من الحكومة الفرنسية، جاء فيها:

أؤكد لكم، في هذا الصدد، أن هذا الاتفاق لا يندرج ضمن فئة النصوص والمعاهدات المشار إليها في المادة 11 من الاتفاق الدبلوماسي بين فرنسا والمغرب المؤرخ في هذا اليوم.”

ويفهم من هذا التصريح أن فرنسا تسعى إلى استثناء الاتفاق العسكري مع الولايات المتحدة من التزاماتها الجديدة تجاه الدولة المغربية المستقلة، معتبرة أن الاتفاق الموقع سنة 1950 لا يدخل ضمن النصوص التي يتوجب عليها التشاور بشأنها أو إعادة النظر فيها.

مقتطف من جواب المسؤول الفرنسي ألان سافاري على رسالة بلافريج
مقتطف من جواب المسؤول الفرنسي ألان سافاري على رسالة بلافريج

المحرر

هذه المراسلات، رغم اختصارها، تمثل أول موقف رسمي مغربي معلن تجاه اتفاق دفاعي دولي تم فوق ترابه دون موافقته.
ففي الوقت الذي كان فيه المغرب يضع أسس دبلوماسيته الجديدة، جاءت هذه الرسالة لتؤكد أن مسألة السيادة ليست فقط قضية رمزية، بل مبدأ ستتمسك به الرباط في جميع الاتفاقيات اللاحقة، لا سيما تلك التي أبرمتها فرنسا مع أطراف ثالثة دون استشارة الدولة المغربية.

ويظهر الرد الفرنسي رغبة واضحة في تحييد هذا الملف عن المفاوضات اللاحقة، عبر تكييف قانوني يسعى لفصل الاتفاق العسكري عن بقية التفاهمات الفرنسية المغربية المنظمة لعلاقة ما بعد الاستقلال.

وتكشف هذه الوثيقة المبكرة عن ملامح التوتر السيادي بين الدولة المغربية حديثة الاستقلال والقوة الاستعمارية السابقة، في ما يخص السيطرة على التراب الوطني وتحديد من له الحق في إبرام الاتفاقات بشأنه.

وبصرف النظر عن المصير الذي عرفته تلك القواعد لاحقا، فإن هذا الموقف المغربي المبكر كما نقلته لوموند، يعد من أوائل التعبيرات الدبلوماسية الصريحة عن مفهوم السيادة الكاملة على التراب المغربي.

المصدر: Le Monde, 29 mai 1956.
الاقتباس لغرض التوثيق والتحليل ضمن سلسلة “المغرب بعيون لوموند”. جميع الحقوق محفوظة للناشر الأصلي.
📜 أطلس إنسايت ينشر تباعا وثائق أرشيفية فرنسية حول المغرب، ضمن سلسلة « المغرب بعيون لوموندالتي تعيد قراءة مسار السيادة والتحولات الجيوسياسية المغربية كما رآها الآخر.
مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات