قال فرانسوا سودان، مدير تحرير مجلة جون أفريك، إن موقع الجزائر التقليدي كوسيط إقليمي في منطقة الساحل يشهد تراجعا واضحا، في وقت يتحرك فيه المغرب وفق رؤية استراتيجية متكاملة لتعزيز نفوذه على المدى البعيد.
وفي حديثه ضمن برنامج “أسبوع جون أفريك” على إذاعة RFI، علق سودان على عرض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أواخر يوليو الماضي القيام بدور الوسيط بين حكومة مالي والمتمردين الطوارق في الشمال، معتبرا أن هذا المقترح “أقرب إلى موقف دعائي منه إلى عرض جدي”.
فرانسوا سودان معلقا على مبادرة رئيس الجزائر للوساطة في مالي:
“أقرب إلى موقف دعائي منه إلى عرض جدي”
وأوضح أن السلطات المالية ترفض أي وساطة أجنبية في شؤونها الداخلية، وبشكل خاص تلك القادمة من الجزائر، التي تتهم بإيواء عدد من قادة التمرد والإمام محمود ديكو.
وأشار سودان إلى أن هذا الرفض يعكس “خلافا جوهريا” في المقاربة بين الطرفين، إذ تسعى الجزائر إلى مراعاة الطوارق الماليين لتجنب امتداد النزاع إلى أراضيها، الغنية بمنشآت نفطية وغازية حيوية، في حين ترفض باماكو أي تدخل خارجي في هذه الملفات.

وتابع موضحا أن فقدان الجزائر لمكانتها في الساحل تجسد في محطتين أساسيتين: انسحاب مالي من اتفاق الجزائر الموقع عام 2015 في يناير 2024، واعتماد “ميثاق السلام” الذي صاغه عثمان إسوفي مايغا ليحل مكانه، إضافة إلى رفض السلطات العسكرية في النيجر، في أكتوبر 2023، لمقترح انتقال مدني قدمته الجزائر.
وبحسب سودان، فإن أسباب هذا التراجع لا تقتصر على “التأثيرات الأجنبية المعادية” التي تتهم الجزائر دولًا مثل المغرب وإسرائيل والإمارات بالوقوف وراءها، بل تشمل أيضا عوامل داخلية، من أبرزها أكثر من عقد من الانكفاء على الذات خلال سنوات مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ثم الحراك الشعبي، ما جمد الرؤية الجزائرية للساحل كمجرد “غلاف أمني” عازل، بدل اعتباره فضاء للفرص الاقتصادية.
في المقابل، يرى سودان أن المغرب يتحرك وفق “مشروع نفوذ شامل ومنظم” يجمع بين الاقتصاد والدين والأمن، في إطار ما يصفه بـ”الاستراتيجية الأطلسية”، التي تهدف إلى ربط دول الساحل غير الساحلية بالمحيط الأطلسي. ويعتبر أن هذه الرؤية تمنح الرباط فرصا واعدة، سواء في فتح أسواق جديدة في دول تحالف الساحل (AES)، أو في لعب دور الوسيط بين هذا التكتل الإقليمي وأوروبا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس).