أفاد الموقع الإسباني El Confidencial أن الجنرال عبد القادر حداد، المعروف داخل أجهزة الأمن الجزائرية بلقب “ناصر الجن”، وصل قبل أيام إلى السواحل الإسبانية في إقليم أليكانتي، بعد أن تمكن من مغادرة الجزائر في ظروف لا تزال غامضة.
وحسب ما نقلته الصحيفة، فقد تسلل الجنرال، الذي كان على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI) حتى مايو الماضي، ضمن مجموعة من المهاجرين غير النظاميين، قبل أن يتوجه مباشرة إلى السلطات المحلية في كوستا بلانكا. وهناك، كشف عن هويته وأكد أنه غادر الجزائر خوفا من تصفيته جسديا وتقديم وفاته لاحقا على أنها “انتحار”.
المصادر الإسبانية التي تحدثت إليها الصحيفة أوضحت أن السلطات الأمنية في مدريد تأكدت بالفعل من هوية الرجل، دون أن تحدد ما إذا كان قد تقدم رسميا بطلب لجوء سياسي أو ما إذا كان يخضع لإجراءات قانونية خاصة بحكم منصبه السابق.
هذا التطور يشكل سابقة في تاريخ النظام الجزائري، إذ لم يسبق أن تمكن ضابط استخبارات بهذا المستوى من مغادرة البلاد والوصول إلى دولة أوروبية وهو في حالة فرار.
ومنذ اختفائه ليلة 17 إلى 18 سبتمبر، التزمت السلطات الجزائرية الصمت، بينما جرى فرض تعتيم كامل على وسائل الإعلام المحلية. وفي المقابل، امتلأت منصات التواصل الاجتماعي بتكهنات وروايات متناقضة حول مصيره، بين من تحدث عن اعتقاله ومن أشار إلى استسلامه، في وقت ظل النظام يواجه صعوبة في احتواء هذه القضية الحساسة.
غياب تبون عن نيويورك.. إشارة إلى ارتباك داخلي بحسب Jeune Afrique
صحيفة Jeune Afrique من جانبها، أكدت أن تداعيات هذه القضية لم تتوقف عند حدود الهروب نفسه، بل تجاوزتها لتؤثر مباشرة في أجندة الرئيس عبد المجيد تبون، الذي ألغى مشاركته في أشغال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وكان من المنتظر أن يلقي تبون خطابا يكرس موقف الجزائر من القضايا الدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تحرص الدبلوماسية الجزائرية على جعلها ركيزة في خطابها الأممي. غير أن التطورات الداخلية أربكت حسابات الرئاسة، لدرجة دفعت الرئيس إلى التخلي عن هذا الموعد البارز.
هذا الغياب، الذي تزامن مع تعزيز أمني مكثف حول مقر إقامة تبون في الجزائر العاصمة، يعكس وفق محللين حجم المخاوف داخل هرم السلطة من تداعيات انشقاق ضابط رفيع بحجم “الجن”. فالرجل شغل موقعا محوريا في جهاز الاستخبارات الداخلية، واطلع على ملفات حساسة تتعلق بالفساد، وبالعلاقات المعقدة بين الأجهزة الأمنية ورئاسة الجمهورية.
ويذهب مراقبون إلى أن قضية “الجن” قد تتحول إلى أزمة حقيقية للنظام الجزائري، إذ إنها تمثل، في حال تأكدت رواية لجوئه إلى إسبانيا، تهديدا مباشرا لصورة الأجهزة الأمنية الجزائرية، وتفتح الباب أمام سيناريوهات صعبة، سواء على صعيد احتمال تسريب معلومات حساسة، أو على مستوى صورة الدولة الجزائرية في الخارج.