أحدثت النائبة الأوروبية عن حزب La France Insoumise، ريما حسن، زلزالا سياسيا وإعلاميا غير متوقع، بعدما نشرت عبر حسابها في إنستغرام سلسلة تدوينات تناولت فيها ملف الصحراء بقراءة أقرب إلى الطرح المغربي. هذا الموقف الجديد، الذي يمثّل تحولا واضحا عن مواقفها السابقة المتماهية مع خطاب البوليساريو، فجر موجة انتقادات غير مسبوقة لدى النشطاء الجزائريين المؤيدين للبوليساريو، حيث ينظر إلى النزاع حول الصحراء باعتباره “قضية سيادية” و”عقيدة سياسية ثابتة”.
الموقف الجديد: قراءة تميل إلى المغرب
في تدويناتها، استعرضت ريما حسن خلفيات النزاع انطلاقا من المرحلة الاستعمارية، مذكرة بأن الصحراء كانت تحت السيطرة الإسبانية منذ 1884، إلى أن انسحب الإسبان في منتصف السبعينيات. الأهم في خطابها كان الإقرار بوجود روابط تاريخية وسياسية بين القبائل الصحراوية والمملكة المغربية، وهو ما فسره كثيرون على أنه إشارة ضمنية إلى الاعتراف بشرعية المطالب المغربية.
كما أبرزت حسن أن تأسيس جبهة البوليساريو سنة 1973 لم يكن وليد “حراك داخلي صرف”، بل جاء بدعم مباشر من الجزائر، ما جعلها تحمل جزءا من مسؤولية تأجيج النزاع للجارة الشرقية. بالنسبة لمتابعيها، بدا هذا السرد أقرب إلى الخطاب المغربي الذي يربط جذور الأزمة بالتدخل الجزائري، ويعتبر أن التوتر القائم اليوم هو في جوهره نزاع مغربي-جزائري أكثر منه صراعا داخليا على “حق تقرير المصير”.
هذا التحول مثل خروجا عن خط سابق طالما قربتها فيه وسائل الإعلام الجزائرية والموالية للبوليساريو من “معسكر التضامن مع الشعوب”، إلى خط أقرب إلى الرواية المغربية القائمة على التاريخ والسيادة.
Mes frères DZ 🇩🇿, désabonnez-vous de cette hypocrite @RimaHas. Elle soutient la propagande du makhzen sioniste marocain 🇲🇦en prétendant que des terres algériennes appartenaient autrefois au Maroc. #RimaHassan #Hypocrite pic.twitter.com/Yx1x2b7tvx
— Léo (@Yazid_Dz_16) August 21, 2025
ردود الفعل الجزائرية: ثلاث مستويات من الغضب
ردود الفعل الجزائرية على الموقف الجديد لريما حسن جاءت عنيفة ومتعددة المستويات. على الصعيد السياسي، خاصة في الأوساط الجزائرية المقيمة بفرنسا، وُجهت انتقادات مباشرة إلى النائبة الأوروبية، حيث اعتبر موقفها الأخير تراجعا غير مبرر عن دعمها السابق للبوليساريو. نواب وشخصيات سياسية من أصول جزائرية شددوا على أن حق ما يسمونه “الشعب الصحراوي” في تقرير المصير لا يمكن أن يكون محل مساومة، ولا يُقبل أن تتحول شخصية سياسية مثل ريما حسن إلى صوت يبرر الطرح المغربي بعدما كانت جزءا من حملة أوروبية نشطة روجت لسنوات للرواية الانفصالية.
إعلاميا، التقطت الصحافة الجزائرية ومعها المنابر المؤيدة للبوليساريو هذا التحول سريعا، وشنت حملة قوية ضد ريما حسن. صحفيون في وسائل التواصل وصفوا خطابها الجديد بأنه ازدواجية في المعايير، إذ “لا يمكن الدفاع عن فلسطين باسم القانون الدولي وتجاهل توصيف الأمم المتحدة للصحراء كإقليم غير متمتع بالحكم الذاتي”. واعتبر هؤلاء أن أي محاولة لإعادة صياغة الرواية التاريخية بما يخدم الطرح المغربي تمثل مساسا بالشرعية الدولية وتفقدها المصداقية كمدافعة عن قضايا التحرر.
🇪🇭Sur la douloureuse prise de position de Rima Hassan concernant le Sáhara Occidental
Ce n’est pas un sujet épineux lorsque nous parlons de l’existence d’un peuple et de son droit légitime à vivre sur son territoire, du retour de ses réfugiés et de la libération de ses…
— Tesh Sidi🇪🇭 (@teshsidi) August 21, 2025
أما على مستوى الناشطين الموالين للبوليساريو، فقد برزت تصريحات النائبة في البرلمان الإسباني تِش سيدي التي هاجمت بعنف شديد موقف ريما حسن، واعتبرت أنه تقزيم لنضال ما تسميه “الشعب الصحراوي”. وأكدت أن القضية ليست مجرد عقبة في العلاقات الجزائرية المغربية، بل مسألة وجود وحق مشروع في العيش على الأرض، مشددة على أن الجزائر اختارت الاصطفاف إلى جانب “المظلومين”، بينما يصر المغرب على التمسك بالصحراء. هذه اللغة عكست حالة استياء عميقة في أوساط النشطاء التابعين للبوليساريو والجزائريين، الذين رأوا أن حسن انحازت علنا للمغرب بعد سنوات من الخطاب المؤيد لهم.