أعلنت حكومة إقليم مدريد، الخميس 24 يوليوز 2025، انسحابها رسميا من برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية، ابتداء من الموسم الدراسي 2025/2026. وقد وجهت بهذا الشأن مراسلة رسمية إلى وزارة التعليم الإسبانية، وفق ما أكدته مصادر من وزارة التعليم الإقليمية لوكالة “أوروبا بريس”.
وأوضحت الحكومة الإقليمية لمدريد أن البرنامج “يفتقر إلى الضمانات الكافية”، مشيرة إلى ما أسمته “اختلالات متراكمة” تتعلق بغياب الرقابة على اختيار وتكوين الأساتذة الذين توفدهم السلطات المغربية، وغياب الشفافية في مضامين البرامج التعليمية ومدى توافقها مع الإطار البيداغوجي الإسباني.

وأضافت الحكومة الإقليمية أن الجانب المغربي يتولى إرسال الأساتذة دون معايير واضحة، مشيرة إلى عدم توفر بيانات حول مستواهم اللغوي أو مدى تأهيلهم للتدريس داخل النظام الإسباني. كما سجلت مشاكل تنظيمية تتعلق بعدم وجود بنية استقبال مناسبة، ما يؤدي إلى مطالب بتوزيع جداول العمل بناء على اعتبارات شخصية بدلا من الحاجات التربوية الفعلية.
مطلب قديم لحزب فوكس
انسحاب حكومة مدريد من البرنامج جاء تماشيا مع مطلب سياسي رفعه حزب “فوكس” اليميني المتطرف منذ عدة أشهر. ففي 10 أبريل الماضي، تقدمت النائبة الإقليمية عن الحزب، إيزابيل بيريز مونينيو، بمقترح داخل الجمعية التشريعية للمطالبة بإلغاء البرنامج، معتبرة أنه “لا يمثل اندماجا حقيقيا”.
وقالت مونينيو خلال مداخلتها: “في سياق تتراجع فيه هويتنا وتتقدم هويات أخرى، فإن الحفاظ على اللغة العربية والثقافة المغربية في منظومتنا التعليمية هو تقسيم ثقافي للأطفال، وجزء من خطة غزو”.
وخلال النقاش ذاته، طالبت النائبة عن الحزب الشعبي، ميرينا كورتيس، بإدخال تعديلات على البرنامج، دون المطالبة بإلغائه. ورغم ذلك، امتنع نواب الحزب الشعبي عن التصويت، ولم يعتمد المقترح في نهاية المطاف.
وتجدر الإشارة إلى أن إقليم مدريد كان يشارك في هذا البرنامج منذ الموسم الدراسي 1994/1995، في إطار اتفاق ثنائي مع الرباط يهدف إلى تدريس أبناء الجالية اللغة العربية والثقافة المغربية داخل المدارس العمومية الإسبانية.

برنامج بدأ قبل 30 سنة في صمت… وانتهى بجدل سياسي
يعود تأسيس برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية في إسبانيا إلى اتفاقية التعاون الثقافي الموقعة بين الحكومتين المغربية والإسبانية بتاريخ 14 أكتوبر 1980، والتي دخلت حيز التنفيذ في عام 1985.
وبموجب هذا الاتفاق، يقوم المغرب بإرسال مدرسين لتدريس اللغة والثقافة لأبناء الجالية المغربية المقيمة في إسبانيا، ضمن برامج اختيارية تكميلية تدرس خارج أوقات الدوام الرسمي.
وقد انطلق البرنامج فعليا في إقليم مدريد خلال الموسم الدراسي 1994/1995، كتجربة تهدف إلى تعزيز الاندماج الثقافي والحفاظ على الهوية الأصلية لأبناء المهاجرين المغاربة، دون أن يخضع لمعايير التقييم الأكاديمي أو التأثير على المعدلات الدراسية.
وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، توسع البرنامج تدريجيا ليشمل عشرات المدارس العمومية في مدريد، ويستفيد منه سنويا ما يزيد عن 1400 تلميذ، في إطار ما تعتبره الدولة الإسبانية سياسة انفتاح تربوي يعكس التعدد اللغوي والثقافي في المجتمع.