الإثنين, سبتمبر 22, 2025
الرئيسيةدفاع وأمنمدريد تعتبر وجود صحراويي تندوف في داعش والقاعدة « هامشيا »

مدريد تعتبر وجود صحراويي تندوف في داعش والقاعدة « هامشيا »

أقر المركز الوطني للاستخبارات الإسباني CNI بوجود عناصر من مخيمات تندوف في صفوف التنظيمات الجهادية الناشطة في منطقة الصحراء والساحل، مؤكدا أن بعضهم وصل إلى مواقع قيادية بارزة، ويبرز في هذا السياق اسم عدنان أبو الوليد الصحراوي المولود في مخيمات تندوف والمرتبط في بداياته بجبهة البوليساريو، والذي تولى قيادة فرع داعش في الساحل حتى مقتله في غارة فرنسية عام 2021، وخلفه لاحقا أبو البراء الصحراوي الذي يقود التنظيم اليوم.

ووفق تقديرات CNI فإن عدد الصحراويين في هذه التنظيمات يتراوح بين 25 و30 فردا فقط, ضمن قوة قتالية تقدر بحسب الجهاز الاستخباراتي الإسباني بما بين 2000 و3000 عنصر، ورغم اعترافه بوجود هذه القيادات، شدد الجهاز على أن حضورهم يظل هامشيا مؤكدا أنه لا يمكن استخدام هذه الحالات لتبرير وصف مخيمات تندوف أو ربط جبهة البوليساريو بالإرهاب.

El Independiente تدافع عن الطرح الرسمي وتخفف الارتباط

في تقرير موسع نشرته بتاريخ 16 غشت 2025 تبنت صحيفة El Independiente السردية الأقرب إلى موقف CNI، وحرصت على وضع وجود الصحراويين في التنظيمات الجهادية في خانة الظاهرة الهامشية، مؤكدة أن عدد الصحراويين لا يتجاوز بضع عشرات داخل آلاف المقاتلين في الساحل، ما يعني بحسبها أن ثقل الجماعات الجهادية يرتكز أساسا على مقاتلين من مالي والنيجر وبوركينا فاسو إضافة إلى امتدادات جزائرية وموريتانية.

وشددت الصحيفة على أن قيادة تنظيم القاعدة في الساحل JNIM هي مالية بامتياز يقودها الطوارق والفولاني، بينما ظل حضور صحراويي تندوف داخل هذا التنظيم ثانويا أو منقطع الصلة بالقرار المركزي.

كما اعتبرت الصحيفة أن انضمام بعض صحراويي تندوف  إلى صفوف داعش أو القاعدة لا يمكن تحميله لجبهة البوليساريو كتنظيم سياسي، بل يدخل ضمن مسارات فردية شبيهة بما حدث مع مقاتلين من شمال إفريقيا أو أوروبا، الذين التحقوا بتنظيم داعش في سوريا والعراق .

وربطت الصحيفة « تضخيم » هذه المعطيات بحملة دعائية مغربية تسعى إلى تصنيف البوليساريو بالإرهاب، خاصة بعد تغيير الموقف الرسمي الإسباني لصالح الرباط في قضية الصحراء، كما قالت إن ما يتم ترويجه عن راديكالية الصحراويين يأتي في إطار حرب سرديات مستمرة بين المغرب والجزائر حيث يتبادل الطرفان الاتهامات .

ووفقا لتقرير نشرته  La Vanguardia في ماي الماضي، فإن أفرادا من مخيمات الصحراويين في تندوف (جنوب الجزائر)، بعضهم كانوا مستفيدين سابقا من البرنامج الإنساني الإسباني «عطلات في سلام»، قد صعدوا إلى مواقع قيادية داخل التنظيمات الجهادية.

هؤلاء الأفراد، الذين استأنسوا باللغة والثقافة الإسبانية بفضل طفولتهم التي قضوا جزءا منها في أسر إسبانية، يخضعون لمتابعة خاصة من وحدات المعلومات. وتنقل الصحيفة عن مصادر في CNI قولها:

«هناك مجموعة من الجهاديين يتحدثون الإسبانية بطلاقة نتيجة احتكاكهم المباشر بعائلات إسبانية، وهم الآن يشغلون مناصب عملياتية في قمة الإرهاب الدولي».

ويعتبر التقرير أن دورهم «مقلق»، إذ ينظر إليهم كعناصر محتملة لتدبير هجمات في الأراضي الأوروبية، نظرا لقدرتهم على تحريك «ذئاب منفردة» والعمل في الخفاء.

تقارير أمنية وضغوط في واشنطن

على الضفة الأخرى صدرت تقارير أمنية دولية حذرت من أن وجود صحراويي تندوف داخل الجماعات الجهادية قد يكون أوسع أثرا مما تظهره الرواية الإسبانية، مشيرة إلى أن بعضهم اضطلع بأدوار في التجنيد والقيادة الميدانية، كما أغفل تقرير الصحيفة الإسبانية النقطة المرتبطة بإيران وحزب الله، وهي الاتهامات التي دفعت عضوين في الكونغرس الأميركي الجمهوري جو ويلسون والديمقراطي جيمي بانيتا إلى تقديم مشروع قانون في يونيو 2025 تحت اسم Polisario Front Terrorist Designation Act.

ويلزم المشروع الإدارة الأميركية ممثلة في وزارتي الخارجية والخزانة بتحديد خلال 90 يوما ما إذا كانت البوليساريو تستوفي معايير تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية”، وإعداد تقرير مفصل خلال 180 يوما عن قيادة الجبهة مصادر تمويلها رعايتها الخارجية، والارتباطات المحتملة بكيانات مصنفة مثل حزب الله والحرس الثوري الإيراني وحزب العمال الكردستاني PKK.

إيران و«حزب الله» في قلب الجدل

استند مشروع القانون الأميركي إلى ما سماه مكتشفات Findings تتحدث عن ارتباطات خارجية “خطيرة” من بينها تدريب عناصر من البوليساريو في مخيمات تندوف على أيدي خبراء من حزب الله منذ 2018 بدعم من إيران, وتزويد الجبهة بأسلحة نوعية بينها صواريخ مضادة للطائرات، وتطوير القدرات الميدانية وتشغيل طائرات مسيرة مسلحة، وذلك استنادا إلى صور ومواد إعلامية بثت عبر منصات مرتبطة بالبوليساريو , إضافة إلى الاستشهاد بتقارير صحفية أميركية منها واشنطن بوست في أبريل 2025 التي تحدثت عن تدريب وتزويد بمسيرات إيرانية.

هذه الاتهامات تعيد إلى الواجهة أزمة مايو 2018 حين أعلنت الرباط قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران متهمة إيران وحزب الله بتدريب وتسليح مقاتلي البوليساريو عبر الجزائر, لكن طهران والحزب نفيا تلك الاتهامات بشكل قاطع، واعتبراها جزءا من حسابات سياسية إقليمية ومنذ ذلك الحين ظل الملف محورا لتجاذبات سياسية وإعلامية متجددة.

بين الروايات الإسبانية والدولية

وتكشف كل هذه المعطيات عن حرب سرديات متشابكة حول حجم ودلالة حضور صحراويي تندوف داخل التنظيمات الجهادية، فـ CNI والإعلام الإسباني يعترفان بوجود قيادات صحراوية لكن يصفانها بـالأقلية ويحذّران من وصم البوليساريو بالإرهاب، بينما تعتبر التقارير الأمنية الدولية والكونغرس الأميركي أن الظاهرة أوسع أثرا وتشير إلى ارتباطات خارجية مع إيران وحزب الله بما يستدعي بحث التصنيف وفرض العقوبات.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه المغرب أن مخيمات تندوف باتت تشكل بيئة حاضنة للتطرف بدعم خارجي، تنفي الجزائر والبوليساريو أي علاقة لهما بتلك الاتهامات وتصفانها ببروباغندا سياسية.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات