أظهرت وثائق قضائية أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) صادر في 22 غشت الماضي، خلال عملية تفتيش لمكتب مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق جون بولتون في وسط واشنطن، عدة ملفات ووثائق تحمل تصنيفات أمنية حساسة، بينها ما هو موسوم بعبارة “سري” وأخرى بعبارة “سري للغاية”.
وكشفت مجلة بوليتيكو قائمة الجرد التي تم تقديمها للمحكمة الفيدرالية أن المواد المضبوطة تضمنت مذكرات سفر مصنفة “secret”، ووثائق صادرة عن بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة موسومة بـ”confidential”، إلى جانب وثائق مرتبطة بالاتصالات الاستراتيجية الحكومية، وأخرى تتعلق ببرامج خاصة بأسلحة الدمار الشامل. وتعد هذه الفئات من أخطر أنواع المعلومات، إذ أن تسريبها قد يسبب “ضررا جسيما” للأمن القومي الأميركي، بحسب أنظمة التصنيف الرسمية.
وأوضحت وزارة العدل أن مذكرات التفتيش التي وافقت عليها القاضية الفيدرالية ماوكسيلا أوباديايا استندت إلى شبهات قوية بوجود انتهاكات محتملة لثلاث جنايات، أبرزها: الاحتفاظ غير المصرح به بمعلومات دفاعية حساسة في انتهاك لقانون التجسس، ونقل أو فقدان معلومات تخص الأمن القومي. وتعد هذه التهم من بين أشد الجرائم الفيدرالية خطورة، وقد تعرض صاحبها لعقوبات تصل إلى السجن لسنوات طويلة في حال ثبوتها.
في المقابل، أسفر تفتيش منزل بولتون في بيثيسدا بولاية ميريلاند، في اليوم نفسه، عن مصادرة أجهزة إلكترونية ووحدات تخزين، من دون العثور على وثائق تحمل علامات سرية بشكل مباشر. ومع ذلك، لم يكشف بعد عن محتوى الأجهزة التي تم حجزها، وهو ما يفتح الباب أمام احتمال العثور على أدلة إضافية لاحقا.
محامي بولتون، آبي لويل، قلل من أهمية المضبوطات، معتبرا أنها “مواد قديمة تعود في معظمها للفترة ما بين 1998 و2006، وسبق أن خضعت للمراجعة في إطار إجراءات النشر الخاصة بكتاب بولتون”، مؤكدا أن موكله “لم يحتفظ مطلقا بوثائق خارج القنوات الرسمية بشكل غير قانوني”. لكن خبراء قانونيين يشيرون إلى أن مجرد وجود وثائق موسومة بـ”secret” أو “confidential” في مكتب شخصي غير مؤمن قد يكفي لتأسيس متابعة جنائية.
اتهامات سابقة
يأتي التحقيق في وقت حساس بالنظر إلى سوابق مشابهة طالت مسؤولين أميركيين كبار. فقد سبق أن واجه بولتون دعوى قضائية تتهمه بالكشف عن معلومات سرية في كتابه الصادر بعد خروجه من إدارة ترامب، قبل أن تسقط وزارة العدل القضية عام 2021.
ويذكر أن الرئيس دونالد ترمب كان قد وجهت إليه تهم بالاحتفاظ غير المشروع بوثائق سرية في مقر إقامته بمارالاغو، وهي القضية التي اعتبرت أخطر تهديد قانوني له قبل فوزه في انتخابات 2024، قبل أن يتم إسقاطها قضائيا.
كما خضع الرئيس جو بايدن لتحقيق مشابه بشأن وثائق تم العثور عليها في منزله، لكن المحقق الخاص استبعد متابعة القضية.
أما في حالة بولتون، فيخشى مراقبون أن تكون التحقيقات جزءا من صراع سياسي ممتد، خصوصا أن ترامب كان قد وصف مستشاره السابق بأنه “داعية للحرب”، في وقت يرى فيه فريق الدفاع أن ما عثر عليه لا يعدو أن يكون سجلات عادية من مسيرة مهنية تجاوزت أربعة عقود.
جدير بالذكر أن جون بولتون الذي سبق أن اشتغل مع إدارة الرئيس ترمب الأولى، معروف بمواقفه المؤيدة للبوليساريو والجزائر والرافضة لقرار الإدارة الأميركية بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، واشتهر في الفترة الأخيرة بخرجاته الإعلامية المعادية للمغرب.